الجمعة، 4 ديسمبر 2015

نشوة الطيبة!

ﻳﺠﺪ ﺍﻟﻄﻴﺒﻴﻦ ﻣﺘﻌﺔ ﻭ ﻧﺸﻮﺓ ﻻ‌ ﺣﺪﻭﺩ ﻟﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﺗﻌﺬﻳﺐ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ، ﻭ ﺍﻟﺘﺸﻈﻲ ﺗﺤﺖ ﻭﻃﺄﺓ ﻋﺬﺍﺏ ﺿﻤﺎﺋﺮﻫﻢ.
ﻳﻌﺘﺮﻱ ﻛﻞ ﺍِﻧﺴﺎﻥ ﻃﻴﺐ ﺷﻌﻮﺭ ﻋﻤﻴﻖ ﺑﺘﺄﻧﻴﺐ ﺍﻟﻀﻤﻴﺮ، ﺷﻌﻮﺭ ﻳﺠﻌﻠﻬﻢ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻋﻔﻮﻳﺔ ﻳﺠﻨﺤﻮﻥ ﻧﺤﻮ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻛﻲ ﻳﺸﻌﺮﻭﻥ ﺑﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺿﻰ ﻋﻦ ﺍﻟﺬﺍﺕ، ﻭ ﺣﺘﻤﺎ ﺗﺨﻤﺪ ﻏﻼ‌ﺋﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﻟﺒﺮﻫﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﻭ ﺗﻌﻮﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻮﺭ ﺑﺈﺻﺮﺍﺭ ﻏﺮﻳﺐ.
ﻓﺈﻥ ﺃﺳﻮﺃ ﻣﺎ ﻳﻌﺎﻧﻴﻪ ﺍﻹ‌ﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﻫﻮ ﻛﻮﻧﻪ ﻻ‌ ﻳﺪﺭﻙ ﻃﻴﺒﻮﺑﺘﻪ ، ﻟﺬﻟﻚ ﻳﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺩﻭﻥ ﻛﻠﻞ ﺃﻭ ﻣﻠﻞ.
ﻭ ﻫﺬﺍ ﻳﻀﻌﻨﺎ ﺗﺤﺖ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﻘﺮﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﺑﻌﻴﺪ ، ﻫﻮ ﺃﻥ ﺍﻟﻄﻴﺒﻴﻦ ﺍﻟﻤﻔﺮﻃﻴﻦ ﻓﻲ ﻃﻴﺒﻮﺑﺘﻬﻢ تجد ان ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻟﻴﺲ ﻏﺎﻳﺔ ﻓﻲ ﺫﺍﺗﻪ، ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻏﺎﻳﺔ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺗﻮﺍﺯﻧﻬﻢ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ،ﻭ ﺍﻓﺘﺮﺍﺿﺎ ﺇﺫﺍ ﺣﻘﻖ ﻣﺒﺘﻐﺎﻩ ﻓﺈﻥ ﻧﻈﺮﺗﻪ ﻟﻄﻴﺒﻮﺑﺘﻪ ﺳﺘﻜﻮﻥ ﻣﻐﺎﻳﺮﺓ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻟﻨﻈﺮﺗﻪ ﺍﻷ‌ﻭﻟﻰ ﻟﻬﺎ، ﺑﻞ ﻗﺪ ﻳﺮﻯ ﻣﺪﻯ ﺳﺬﺍﺟﺔ ﺍﻟﻄﻴﺒﻴﻦ ﻭ ﺣﻤﻘﻬﻢ ﻭﺭﺍﺀ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺗﻮﺭﺍﺯﻧﻬﻢ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ..
ﻭ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺃﻥ ﺍﻟﻄﻴﺒﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻻ‌ ﺗﻐﺮﻳﻬﻢ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﺤﺰﻳﻨﺔ ﻭ ﺍﻟﻜﺌﻴﺒﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻧﻘﺺ ﻭﺟﺪﺍﻧﻲ ﻋﻤﻴﻖ ﻣﺘﻌﺪﺩ ﺍﻷ‌ﻭﺟﻪ، ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻓﻘﺪﺍﻧﻬﺎ ﺃﺣﺪ ﺃﻋﻀﺎﺋﻬﺎ، (ﻛﺎﻟﻀﺮﻳﺮﺓ)، ﻳﺤﺐ ﺃﻥ ﻳﺸﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭ ﺃﻥ ﻳﻌﻮﺽ ﻟﻬﺎ ﻋﻦ ﻧﻘﺎﺋﺼﻬﺎ، ﻓﺎﻟﻄﻴﺒﻮﻥ ﻻ‌ ﻳﺤﺒﻮﻥ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷ‌ﺣﻴﺎﻥ ﺇﻻ‌ ﺷﻔﺎﻗﺔً، ﻫﺆﻻ‌ﺀ ﺍﻟﻄﻴﺒﻴﻦ ﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻵ‌ﻥ ﺫﺍﺗﻪ ﻳﺤﺒﻮﻥ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﺴﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗُﺴَﻮﺩ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﻭ ﺗﻀﻌﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺷﻔﻴﺮ ﺍﻹ‌ﻧﻬﻴﺎﺭ..
ﻭ ﻋﻼ‌ﻭﺓ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﻳﺤﺒﻮﻥ ﺗﻌﺬﻳﺐ ﺃﺣﺒﺎﺋﻬﻢ، ﻳﺤﺒﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ ﺍﻟﻠﺬﻳﺬ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺨﻠﻔﻪ ﺣﺰﻥ ﺍﻵ‌ﺧﺮﻳﻦ ﺑﺴﺒﺒﻬﻢ ، ﺛﻢ ﻳﻌﻮﺩﻭﻥ ﻣﻠﺴﻮﻋﻴﻦ ﻟﻄﻠﺐ ﺍﻟﻐﻔﺮﺍﻥ ﻣﻦ ﺃﺣﺒﺎﺋﻬﻢ، ﻓﺎﻟﻄﻴﺒﻮﻥ ﻫﻢ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﺍﻟﺤﻲ ﻋﻦ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﺎﺯﻭﺳﺎﺩﻳﻴﻦ، ﻭ ﺍﻟﺴﺎﺩﻳﺔ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻓﻘﻂ ﻷ‌ﻧﻬﻤﺎ ﺗﺮﺟﻊ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﻀﻤﻴﺮ ﻣﺎ ﻳﺒﺘﻐﻮﻧﻪ. ﻓﺄﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﻄﻴﺒﻮﺑﺔ ﺍﻟﻤﻔﺮﻃﺔ ﺍﻟﻼ‌ﻋﻘﻼ‌ﻧﻴﺔ ﺗﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺍﻟﻌﻤﻴﻖ ﺑﺘﺄﻧﻴﺐ ﺍﻟﻀﻤﻴﺮ ، ﻭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺄﻧﻴﺐ ﺣﺴﺐ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﻌﺮﺽ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﺍﻟﺴﻠﺒﻲ ﺍﻟﻼ‌ﺫﻉ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﻭﺍﻟﺪﻳﻪ، ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻳﺘﻄﻮﺭ ﻣﻊ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺣﺘﻰ ﻳﺼﺒﺢ ﻧﻘﺪﺍ ﺩﺍﺧﻠﻴﺎ ﻣﺘﻤﺜﻼً‌ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺍﻟﻌﻤﻴﻖ ﺑﺘﺄﻧﻴﺐ ﺍﻟﻀﻤﻴﺮ، ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﻳﻈﻞ ﻣﻼ‌ﺯﻣﺎً ﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻃﻮﺍﻝ ﺳﻨﻴﻦ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﺇﻻ‌ ﻧﺴﺐ ﺿﺌﻴﻠﺔ ﺟﺪﺍ منهم  ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻹ‌ﻧﻔﻜﺎﻙ ﻣﻨﻪ..
"ﺍﻟﻄﻴﺒﻮﻥ ﻣﻦ ﺯﺍﻭﻳﺔ ﻧﻈﺮ ﺃﺧﺮﻯ"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق